منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، زاد الاهتمام بالدين وسط الأميركيين، وعادوا للتاريخ ليقرأوه من جديد.. دينيا! وليس كتاب «آيات مقدسة.. حرب مقدسة» أول وآخر كتاب عن الجانب الديني في حرب الاستقلال الأميركية (ضد الاستعمار البريطاني في القرن الثامن عشر). ومع زيادة الكتب عن الإسلام والمسلمين، وعن المسيحية والمسيحيين، زادت الكتب التي إن لم ترد تحويل كل تاريخ أميركا إلى تاريخ ديني، فإنها تريد إضفاء صبغة دينية عليه في الأقل. مؤلف هذا الكتاب هو جيمس بيرد، أستاذ تاريخ الأديان في جامعة فاندربيلت (ولاية تنيسي). وقد قسم كتابه إلى فصول لم يخل أي عنوان منها من الطابع الديني، الذي يحرص على التأكيد عليه في الكتاب كله. ومن هذه العناوين: «خطب دينية تدعو إلى الشجاعة، لا الجبن» و«خروج النبي موسي كان هجرة دينية» و«النبي أرميا كان نبي العنف» و«النبي داود كان بطلا ثوريا» و«عيسى جعلنا أحرارا» و«غضب الله الأكبر» و«الكتاب الأميركي المقدس». وير بيرد: «حرب استقلال مقدسة، أو غير مقدسة، يؤمن الأميركيون بأن أي حرب يعلنونها هي حرب مقدسة، حتى إذا كان الهدف منها سياسيا أو استراتيجيا». وهكذا كانت الثورة الأميركية بالنسبة للمؤلف للأسباب التالية: أولا: كان الدين هو الحافز الأول. ثانيا: كان الله يدعم الأميركيين، وثالثا: حب الوطن سياسي وديني في نفس الوقت. لكنه يستدرك، في مكان آخر، بقوله: «إن حرب الاستقلال كانت (علمانية، سياسية، وطنية). لكن الأميركيين خاضوها كحرب دينية». وأشار الكتاب إلى ما قال قسيس في ولاية كونيتيكت، وهو صمويل شيروود، في عام 1776: «يقف إلى جانبنا الله سبحانه وتعالى. وجميع القوى في السماوات العلى، وأعداد كبيرة من الملائكة. جاءوا إلى سواحلنا للدفاع عنا، ولحمايتنا». لكن ماذا عن «الآباء المؤسسين»؟ كانوا قسمين: متدينين يؤمنون بأن «الوطني الحقيقي هو الإنسان المتدين»، كما تقول ابيغيل أدامز، زوجة الرئيس أدامز، الرئيس الثاني بعد الرئيس واشنطن: «يجب أن يكون الوطني الحقيقي متدينا». كما أن الجنرال واشنطن أمر خلال حرب الاستقلال بأن يلحق بكل فرقة رجل دين ليصلي مع الجنود، وليعظهم، وليقول لهم إن الله معهم. ووصف واشنطن واحدا من هؤلاء القساوسة بقوله إنه «يتقرب من الجنود، ويؤثر عليهم بمعرفته للأهداف العادلة التي نحارب من أجلها». وخلال الحرب، لم يقسم واشنطن بأن قواته ستنتصر، لكنه كان يقول إن الله لن يخذلهم لأنهم يحاربون من أجل العدل والحق. ونعرف من الكتاب أن أدامز، الرئيس الثاني، كتب إلى جفرسون، الرئيس الثالث: «الإنجيل هو أحسن كتاب في العالم». لكنه أضاف: «إنه كتاب جمهوري مقدس». من بين الآباء المؤسسين «الملحدين» (في رأي المتدينين). أما القسم الثاني فهم الآباء غير المتدينين مثل جفرسون الذي كتب عن «مسيحية من دون عبادة المسيح». وكذلك توماس بين، مؤلف كتاب «كومون سنس» (العقل البديهي)، الذي كان خليطا من الوطنية والتدين. وفسر بين الإنجيل بأنه دعوة المسيح للشعوب بأن تكون حرة من الاعتقادات الخاطئة. وفسر التوراة بأنها دعوة ملوك بني إسرائيل لمقاومة اضطهاد الملوك والأباطرة. وكتب: «يقول الكتاب المقدس إن الملكية (البريطانية) من كبائر الذنوب». و«غضب الله على بني إسرائيل بعد أن أفسد ملوكهم». لهذا، «إذا يريد الأميركيون طاعة الله، لا بد أن يرفضوا الملكية، ويعلنوا الجمهورية (مساواة الناس أمام بعضهم البعض، وأمام الله)». ويتوصل المؤلف إلى نتيجة أن «الحرب ضد الإرهاب» التي أعلنها الرئيس السابق بوش الابن، بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، هي، في نظر بعض الأميركيين، امتداد لحرب الاستقلال من الناحية الدينية. وأشار إلى جدل في ذلك الوقت، اشترك فيه بوش نفسه عن «الحرب العادلة». وكان القصد هو «الحرب المسيحية» التي أيدها البعض، وعارضها البعض الآخر. وكان الرئيس بوش نفسه استعمل كلمة «كروسيد» (حرب صليبية) عندما أمر بغزو أفغانستان (لم يكرر ذلك بعد أن قال له مستشاروه إن الكلمة «حساسة» بالنسبة للمسلمين). ولم ينس بوش أن يختم كل خطبه في ذلك الوقت بعبارة «يوفقكم الله، ويوفق الولايات المتحدة». وحتى الرئيس باراك أوباما يقول ذلك. وكأنه يريد منافسة بوش في مسيحيته.
↧