صدر أخيرا كتاب «زيلوت (الغيور): حياة يسوع الناصري وزمانه». وسريعا، احتل المركز الثاني في لائحة الكتب الأكثر مبيعا في صحيفة «نيويورك تايمز». والأول في لائحة كتب «أمازون» في الإنترنت. كاتبه هو رضا أصلان، أميركي من أصل إيراني. عمره 50 سنة. ولد في إيران، وجاء إلى أميركا مع عائلته التي تركت إيران بعد الثورة عام 1979 بقيادة آية الله الخميني. يعيش الآن في ولاية كاليفورنيا، حيث يدرس فن الكتابة، ويحاضر في المواضيع الدينية. وتخلط آراؤه بين خلفيته الإسلامية وتربيته الأميركية. ويمكن وصفها بالانفتاحية والوسطية في نفس الوقت، رغم أن علماء مسلمين انتقدوه، لكن، جاء النقد الأكبر من مسيحيين، وخصوصا أجهزة إعلامية أميركية محافظة. لحسن حظ أصلان، استفاد من انتقادات أميركيين لكتابه الأخير. انتقدته مذيعة تلفزيون في قناة «فوكس» اليمينية. وكان النقد حادا، وانتشر في الصحف والإنترنت، وساعد على زيادة مبيعات الكتاب. ذلك لأن مذيعة الشؤون الدينية لورين غرين (ملكة جمال سابقة) كررت سؤال: «لماذا يكتب مسلم عن المسيحية؟» وكأنها تريد إثبات مؤامرة بأن أصلان يريد تشويه المسيحية، والترويج لنفسه عبر كتابه. «في المقابلة، كرر أصلان أربع مرات أن تخصصه الأكاديمي في الأديان. وأنه قضى العشرين سنة الأخيرة يدرس شخصية المسيح. وحصل على شهادة دكتوراه، وعلى ماجستير في اللاهوت من كلية اللاهوت في جامعة هارفارد. وأن كتابه نتيجة أبحاثه كمؤرخ وأكاديمي، وليس تعبيرا عن إيمانه الشخصي». وكرر للمذيعة بأنها «غير عادلة» في أسئلتها. لكن، كررت المذيعة أسئلتها: «أنت مسلم، لماذا تكتب كتابا عن المسيحية؟» و«لا تختلف نتائج بحثك عما يقول القرآن عن المسيح». ماذا يقول أصلان في كتابه؟ إنه يعارض الصورة السلمية السائدة في الغرب عن المسيح بأنه مسالم، و«نبي السلام». بل يرى أنه كان «مناضلا شرسا من أجل الحرية». وكان «يهوديا وطنيا». وكان «يريد تحرير الأرض المقدسة من حكم الرومان، وإرساء مملكة دينية يهودية نقية». غير أن ناقدين قالوا إن الكتاب لم يقدم تفاصيل عن أسباب تغير المسيح من «جهادي» إلى «سلمي»، أو من «سلمي» إلى «جهادي». وإن الكتاب لم يتمعن في تفسيرات رجال دين مسيحيين لآلاف السنين. وقال ناقدون إنه سرق آراء علماء دين مسيحيين. وكان المؤلف، كما يذكر في مقدمته، قد وصل إلى أميركا وعمره 15 سنة. ولأن عائلته لم تكن متدينة، ولم تكن تهتم بتربيته تربية دينية، أو اطلاعه على أي شيء عن الدين، بدا هو يبحث بنفسه. وقاده البحث إلى كنائس، وإلى معسكرات صيفية كنسية. وذكر أنه كان مسلما في إيران. لكن، كان إسلامه غير ديني، «مثل أن أكون فارسيا»، وذلك لأن والدته كانت «مسلمة غير راسخة الإسلام»، وكان والده ملحدا. لكن، في أعماقه، قال المؤلف إنه لم يترك الإسلام، وإن والدته، في أعماقها، لم تترك الإسلام. وإنها «تصلي عندما لا يشاهدها أحد (قد يقصد زوجها)». ولم يختف القرآن الكريم من المنزل. لكن، لم تكن مشكلاته دينية فقط. واجهته مشكلة لونه، ولغته الفارسية، ولهجته الأجنبية. وصار يدعي مبكرا أنه ليس إيرانيا، بل مكسيكيا. وقال: «مثل غيري من المهاجرين صغار السن، ضحيت لأكون أميركيا. ولم تكن تلك التجربة طيبة، كما أنظر إليها الآن بعد أن كبرت في السن». وبدأت الشكوك تحل محل اليقين. وكتب: «غضبت، وتأثرت، وتمردت. وبدأت أفكر في دين أجدادي (الإسلام). وبعد أن كبرت، عدت إلى هذا الدين، وكأني عدت إلى صديق قديم بعد سنوات فراق طويلة». وقال إن عودته إلى الإسلام لم تكن تعني توقفه عن دراسة المسيحية. وذلك لأنه أكاديمي، يدرس الأديان، بصرف النظر عندما إذا كان ينتمي إلى دين معين أم لا.
↧