تشكل ميدانا للعلم وساحة للكتاب، بها فضاء رحب للحوار والنقاش، وهي وجهة الأكاديميين ومحج الباحثين، صرح ثقافي يسقي طلاب العلم والمعرفة.. إنها مكتبة آل سعود، كما يليق للمغاربة نعتها، أما أصلها فهو مكتبة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، لا يوجد نظير لها إلا بالرياض في المملكة العربية السعودية. تقع المؤسسة بزنقة المرجان، ويحاذي مكانها شاطئ «عين الذئاب» في الدار البيضاء. يجد الزائر فيها ملاذه وزاده من الكتب والوثائق، إذ تتوفر المكتبة على مجموعات غنية من الوثائق تفوق 650 ألف مجلد، تستجيب لحاجات وتطلعات الباحثين في العلوم الاجتماعية والإنسانية والدراسات الإسلامية وفي لغات العمل الرئيسة. ويعد هذا الرصيد الوثائقي ثمرة سياسة اقتناء اتجهت تدريجيا صوب التخصص في الدراسات المغاربية، الأمر الذي مكن المؤسسة من التوفر على مجموعات وثائق من أكثر المجموعات غنى بخصوص الفضاء المغاربي والغرب الإسلامي. وفضلا عن دراسات العلوم الاجتماعية والإنسانية، تستقبل المؤسسة كذلك الإنتاج الأدبي المغاربي. وعرفت المؤسسة منذ 25 سنة تقريبا بأنشطتها الثقافية والقضايا التي تهم منطقة المغرب العربي، باستضافة باحثين أجانب من أوروبا أو من العالم العربي، والشراكة مع مؤسسات دولية كثيرة. تم إنشاء المؤسسة في بداية الثمانينات من القرن العشرين وفتحت أبوابها أمام القراء في صيف عام 1985، لتملأ فراغا كبيرا في باب وفرة الوثائق في مجالات الدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وهو فراغ عانى منه الباحثون والطلبة الجامعيون بل والعديد من المهنيين. وهي مؤسسة توثيقية وعلمية وثقافية أنشئت بمبادرة كريمة من طرف الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية آنذاك، خادم الحرمين الشريفين، الذي يرعاها ونظيرتها في الرياض. ومواكبة للتطور المستمر الذي تعرفه تكنولوجيات الإعلام والاتصال خاصة في مجال إدارة المكتبات والمعلومات، لم تكتف المكتبة بطريقة الرفوف المفتوحة وبالحصول على الوثائق المطبوعة على الورق والمصغرات والأشرطة، بل واكبت التطور المعاصر لصيغ نشر وإشاعة النصوص والمعلومات، فأخذت تشكل مكتبة رقمية عن طريق الاشتراك في قواعد بيانات نصية يتم الوصول إليها عبر الإنترنت أو عن طريق الأقراص المدمجة، وشرعت في توفير معلومات عن مضامين الدوريات المغاربية الحية، وانطلقت في إنجاز مشروع كبير متمثل في «رقمنة» مجموع الدوريات المتوفرة في مكتبتها ونشر صور الفهارس ضمن بوابتها على الإنترنت، إذ تتوفر على رصيد إلكتروني يتمثل في 8200 عنوان، 4681 منها متوفرة بنصوصها الكاملة والذي يمكن لقراء المؤسسة الاستفادة منه عن طريق برنامج للتحميل على الإنترنت. وجهزت جميع قاعات المطالعة بمكتبة المؤسسة بما مجموعه 100 كومبيوتر تقريبا، وضعت جميعها رهن إشارة رواد المكتبة مجانا لإجراء بحثهم البيبليوغرافي وللإبحار على الإنترنت، ويتم البحث البيبليوغرافي على بوابة المؤسسة على الإنترنت من خلال فهرسها الإلكتروني. وبلغ عدد الكتب الموضوعة رهن إشارة القراء، التي توجد عناوينها ضمن قائمة الوثائق المحملة على الفهرس الإلكتروني على الإنترنت 380.000 مجلد، وتحتل اللغة العربية واللغة الفرنسية 39 في المائة من مجموع الرصيد لكل واحدة منهما، وتأتي اللغة الإنجليزية في المرتبة الثالثة بـ17 في المائة، وتحتل باقي اللغات 5 في المائة من مجموع الرصيد وفي مقدمتها اللغة الإسبانية. تتضمن هذه المجموعات معظم ما نشر بخصوص الفضاء المغاربي، بما في ذلك الدراسات الأندلسية، بلغات كثيرة، وتحتضن كذلك أحسن ما كتب في اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية حول العالمين العربي والإسلامي خلال العقود الأخيرة. ووجبت الإشارة إلى أن هذه الكتب تحتوي على مجموعات قيمة من الأعمال الأكاديمية ومن أمهات البحث العلمي الخاصة بالقضايا النظرية والمنهجية في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية في اللغات الثلاث: العربية والإنجليزية والفرنسية. ووصل عدد عناوين المنشورات الدورية إلى 2793 عنوانا من ضمنها 1398 عنوانا لدوريات حية. وتتكون اليوم مجموعة الدوريات التي تتوفر عليها مكتبة مؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء من 160 ألف مجلد وتنمو سنويا بمعدل 7000 مجلد. وهناك 938 من العناوين خاصة بالمجال المغاربي، وهي عبارة عن مجلات ونشرات دورية أخرى تنشر في مختلف البلاد المغاربية (المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وموريتانيا) أو تصدر خارجها ولكنها تعنى بالفضاء المغاربي المعاصر أو بتاريخه أو بجزء من أجزائه. تجدر الإشارة إلى أن المكتبة تتوفر على العديد من المنشورات الرسمية الصادرة عن المصالح الحكومية في مختلف البلاد المغاربية (يتم مثلا اقتناء الجرائد الرسمية المغربية والجزائرية والتونسية بشكل دوري). أما مجالا الإسلام والعالم العربي فتغطيهما 706 مجلات بما فيها عناوين مجموعات كاملة من المجلات المشهود لها. ولم يفت المؤسسة أن توفر لقرائها عشرات العناوين من المجلات المتخصصة في مختلف مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية وكذا الكثير من نشرات المنظمات الدولية والإقليمية كالمكتب الدولي للشغل والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة والمنظمة العالمية للتجارة، وغيرها. بالإضافة إلى ما سبق، هناك مجموعات كاملة من العناوين النادرة التي اقتنتها المؤسسة ونذكر منها «المقتطف» و«البيان» و«الجامعة» و«الضياء» و«المشرق» و«المنار» و«العروة الوثقى»، هذا علاوة على عناوين كثيرة باللغات اللاتينية. ليصل عدد المجموعات الكاملة من الدوريات إلى 296 عنوانا. ولقد اقتنت المؤسسة في الفترة الأخيرة مجموعات كاملة متكونة من 38 عنوانا من المجلات الكلاسيكية باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية والمتعلقة بالأدبيات الاستشراقية والتي تتمحور حول العالم العربي والإسلام. وتضم المكتبة مجموعة من الرسائل الجامعية بلغ عددها 2400 عنوان وتتناول موضوعات تخص المغرب العربي والعالم العربي والإسلام. وتزخر بمجموعة هائلة من المخطوطات تم إنشاؤها عن طريق اقتناء بعض الوثائق من أشخاص معينين أو عن طريق اقتناء المكتبات الخاصة لبعض الشخصيات المغربية، وتتوفر على ما مجموعه 698 مخطوطة، أي ما يعادل 1958 عنوانا، ويقدر عدد الحجريات التي تتوفر عليها مكتبة المؤسسة بـ453 عنوانا (منها 244 طبعة أصلية و6 نسخ). ولقد استطاعت المؤسسة أن تنقذ مجموعة من الحجريات من التلف باقتنائها مكتبات خاصة. فقد أقدمت على شراء الحجريات التي كانت تزخر بها مكتبة محمد الوافي العراقي (137 عنوانا) ومكتبة المحجوب بن عيسى لمرابط (32 عنوانا). وللإنتاج المغربي حصة الأسد في هذه المجموعة ويليه الإنتاج المصري (70 عنوانا) ثم النيجيري (عنوانان) ثم الجزائري (عنوان واحد). وإذا ما اعتمدنا فقط الطبعات التي تتضمن تاريخ النشر (285 عنوانا)، فإن هذه المجموعة تغطي الفترة الممتدة من 1858 إلى 1932. كما تضم مكتبة آل سعود، مجموعات خاصة عبارة عن وثائق عائلة إدريس السراج، و6000 بطاقة بريدية، و2000 صورة فوتوغرافية، وتم طبع أغلب هذه المجموعة خلال فترة الحماية، وهي ممهورة بتوقيعات المصورين أمثال فلاندران وكريبر.
↧